فصل: (باب القاف وما بعدها في الثلاثي الذي يقال له المضاعف والمطابق)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


الجُزْءُ الخامس

كتاب القاف

‏(‏باب القاف وما بعدها في الثلاثي الذي يقال له المضاعف والمطابق‏)‏

‏(‏قل‏)‏

القاف واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على نَزَارة الشيء، والآخرُ على خلاف الاستقرارِ، وهو الانزعاج‏.‏

فالأوَّل قولهم‏:‏ قلَّ الشَّيءُ يقلُّ قلَّة فهو قليل، والقُلُّ‏:‏ القِلَّة، وذلك كالذُّل والذِّلّة‏.‏ وفي الحديثِ في الرِّبا‏:‏ ‏"‏إنْ كَثُرَ فإنَّه إلى قُلٍّ‏"‏‏.‏ وأمَّا القُلََّة التي جاءت في الحديث، فيقولون‏:‏ إن القُلَّة ما أقلَّهُ الإنسان من جَرّةٍ أو حُبٍّ، وليس في ذلك عند أهل اللُّغة حدٌّ محدود قال‏:‏

فَظَلِلْنا بنَعْمةٍ واتّكأْنا *** وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ

ويقال‏:‏ استقلَّ القومُ، إذا مضَوا لمسيرِهم، وذلك من الإقلال أيضاً، كأنهم استخفُّوا السَّير واستقلُّوه‏.‏ والمعنى في ذلك كلِّه واحد‏.‏ وقولنا في القُلَّة ما أقلَّه الإنسان فهو من القِلَّة أيضاً، لأنَّه يقلُّ عنده‏.‏

وأمّا الأصل الآخَر فقال‏:‏ تَقَلقلَ الرَّجُل وغيرُه، إذا لم يثبُتْ في مكانٍ‏.‏ وتقلقَل المِسمارُ‏:‏ قَلِقَ في موضعه‏.‏ ومنه فرسٌ قُلقُلٌ‏:‏ سريع‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ أخَذَه قِلٌّ من الغضب، وهو شِبه الرِّعْدة‏.‏

‏(‏قم‏)‏

القاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على جَمع الشيء‏.‏ من ذلك‏:‏ قَمْقَمَ الله عَصَبه، أي* جَمَعه، والقَمْقام‏:‏ البحر، لأنَّه مُجتَمَع للماء‏.‏ والقَمقام‏:‏ العدد الكثير، ثمَّ يشبَّه به السيِّد الجامع لِلسِّيادة الواسعُ الخير‏.‏

ومن ذلك قُمَّ البيتُ، أي كُنِس‏.‏ والقُمَامة‏:‏ ما يُكنَس؛ وهو يُجمَع‏.‏ ويقال من هذا‏:‏ أقمَّ الفَحلُ الإبلَ، إذا ألقَحَها كلَّها‏.‏ ومِقَمَّة الشّاة‏:‏ مِرَمَّتها، وسميِّت بذلك لأنها تقمُّ بها النَّباتَ في فيها‏.‏ ويقال لأعلى كلِّ شيءٍ‏:‏ القِمَّة، وذلك لأنَّه مُجتَمعُه الذي به قِوَامُه‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب القَمقام‏:‏ صغار القِرْدان‏.‏

‏(‏قن‏)‏

القاف والنون بابٌ لم يُوضَع على قياسٍ، وكلماتُه متباينة‏.‏ فمن كلماته القِِنُّ، وهو العَبْد الذي مُلِك هو وأبوه‏.‏ والقُنَّة‏:‏ أعلَى الجبل‏.‏ والقُنَان‏:‏ رِيح الإبِطِ أشَدَّ ما يكون‏.‏ والقُناقِن‏:‏ الدليل الهادي، البصيرُ بالماء تحتَ الأرض، والجمع قَنَاقِن‏.‏

‏(‏قه‏)‏

القاف والهاء ليس فيه إلا حكاية القَهْقَهة‏:‏ الإغراب في الضحك‏.‏ يقال‏:‏ قَهٌّ وقهقَهةٌ، وقد يخفَّف‏.‏ قال‏:‏

* فهنَّ في تَهَانُفٍ وفي قَهِ *

ويقولون‏:‏ القَهقهة‏:‏ قَرَبُ الوِرد‏.‏

‏(‏قب‏)‏

القاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع‏.‏ من ذلك القُبَّة، وهي معروفة، وسمِّيت لتجمُّعها‏.‏ والقَبقَب‏:‏ البطن، لأنَّه مُجتَمع الطَّعام‏.‏ والقَبُّ في البَكَرة‏.‏ وأمَّا قولُهم‏:‏ إنَّ القَبَب‏:‏ دِقَّة الخَصْرِ فإنما معناه تجمُّعُه حتَّى يُرَى أنّه دقيق‏.‏ وكذلك الخيلُ القُبّ‏:‏ هي الضَّوامر، وليس ذلك ‏[‏إلاَّ‏]‏ لذهابِ لُحُومِها والصَّلابةِ التي فيها‏.‏ وأمَّا القابّة فقال ابن السِّكِّيت‏:‏ القَابّة‏:‏ القَطْرة من المَطَر‏.‏ قال‏:‏ وكان الأصمعيّ يصحِّف ويقول‏:‏ هي الرَّعد‏.‏ والذي قاله ابنُ السِّكيت أصحُّ وأقْيَس؛ لأنَّها تَقُبُّ التُّرْبَ أي تجمعه‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب تسميتُهم العام الثالث القُبَاقِب، فيقولون عامٌ، وقابلٌ، وقُبَاقِب‏.‏

ومما شذَّ أيضاً قولُهم‏:‏ اقتبَّ يدَه، إذا قَطَعها‏.‏

‏(‏قت‏)‏

القاف والتاء فيه كلمتانِ متباينتان، إحداهما القَتُّ، وهو نَمُّ الحديث‏.‏ وجاء في الأثر‏:‏ ‏"‏لا يدخُلُ الجنة قَتَّاتٌ‏"‏، وهو النَّمّام‏.‏ والقَتُّ‏:‏ نَباتٌ‏.‏ والقَتُّ والتَّقتِيتُ‏:‏ تطييبُ الدُّهن بالرَّياحين‏.‏

‏(‏قث‏)‏

القاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على الجمع‏.‏ يقال‏:‏ جاء فلانٌ يقُثُّ مالاً ودنيا عريضة‏.‏

‏(‏قح‏)‏

القاف والحاء ليس هو عندنا أصلاً، ولكنهم يقولون‏:‏ القُحّ‏:‏ الجافي من الناس والأشياء، حتى يقولون للبطِّيخة التي لم تَنْضَج‏:‏ إنّها لَقحٌّ‏.‏

‏(‏قد‏)‏

القاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعِ الشيء طولاً، ثم يستعار‏.‏ يقولون‏:‏ قَدَدْتُ الشَّيء قدَّاً، إذا قطعتَه طولاً أقُدُّه، ويقولون‏:‏ هو حسَنُ القَدّ، أي التقطيع، في امتدادِ قامته‏.‏ والقِدُّ‏:‏ سيرٌ يقَدُّ من جلدٍ غيرِ مدبوغ‏.‏ واشتقاق القَدِيد منه‏.‏ والقِدَّة‏:‏ الطريقةُ والفِرقة من الناس، إذا كان هوَى كلِّ واحدٍ غيرَ هوى صاحِبِه‏.‏ ثمَّ يستعيرون هذا فيقولون‏:‏ اقتدَّ فلانٌ الأمورَ، إذا دَبَّرَها ومَيَّزها‏.‏ وقَدَّ المسافرُ المَفازةَ‏.‏ والقَيْدُود‏:‏ النَّاقة الطَّويلة الظَّهر على الأرض‏.‏ والقَدُّ‏:‏ جِلد السَّخلة، الماعزة‏.‏ ويقولون في المثَل‏:‏ ‏"‏ما يَجعَلُ قَدَّك إلى أديمك‏"‏‏.‏ ويقولون القُدَاد‏:‏ وجَعٌ في البطن‏.‏

‏(‏قذ‏)‏

القاف والذال قريبٌ من الذي قبلَه، يدلُّ على قطعٍ وتسويةٍ طولاً وغيرَ طُول‏.‏ من ذلك القُذَذ‏:‏ ريش السَّهم، الواحدة قُذَّة‏.‏ قالوا‏:‏ والقَذُّ‏:‏ قطعها‏.‏ يقال‏:‏ أُذُنٌ مقذوذة، كأنّها بُرِيَتْ بَرْيا‏.‏ قال‏:‏

* مَقْذُوذةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ *

وزعم بعضهم أن القُذَاذات‏:‏ قِطَعُ الذَّهب، والجُذَاذات‏:‏ قِطَع الفِضّة‏.‏ وأمَّا السهم الأقَذُّ فهو الذي لا قُذَذَ عليه‏.‏ والمَقَذُّ‏:‏ ما بين الأذُنين من خَلْف‏.‏ وسمِّي لأنَّ شعره يُقَذ قَذَّاً‏.‏

ومما شذَّ عن الباب قولُهم‏:‏ إنّ القِذَّانَ‏:‏ البَرَاغيث‏.‏

‏(‏قر‏)‏

القاف والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على *برد، والآخر على تمكُّن‏.‏

فالأوَّل القُرُّ، وهو البَرْد، ويومٌ قارٌّ وقَرٌّ‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

إذا ركِبُوا الخيلَ واستلأَمُوا *** تحَرَّقت الأرضُ واليومُ قَرّْ

وليلة قَرَّةٌ وقارَّة‏.‏ وقد قَرَّ يومُنا يَقَرُّ‏.‏ والقِرَّة‏:‏ قِرَّة الحُمَّى حين يجد لها فَترةً وتكسيراً‏.‏ يقولون‏:‏ ‏"‏حِرَّةٌ تحت قِرَّة‏"‏، فالحِرّة‏:‏ العَطَش، والقِرَّة‏:‏ قِرَّة الحُمَّى‏.‏ وقولهم‏:‏ أقَرَّ اللهُ عينَه، زعم قومٌ أنَّه من هذا الباب، وأنّ للسُّرور دَمعةً باردة، وللغمِّ دمعةً حارّة، ولذلك يقال لمن يُدعَى عليه‏:‏ أسخَنَ الله عينه‏.‏ والقَرور‏:‏ الماء البارد يُغتسَل به؛ يقال منه اقْتَرَرْت‏.‏

والأصل الآخَر التمكُّن، يقال قَرَّ وَاستقرَّ‏.‏ والقَرُّ‏:‏ مركبٌ من مراكب النِّساء‏.‏ وقال‏:‏

* على حَرَجٍ كالقَرِّ تَخفقُ أكفانِي *

ومن الباب ‏[‏القَرُّ‏]‏‏:‏ صَبُّ الماءِ في الشَّيء، يقال قَرَرتُ الماء‏.‏ والقَرُّ‏:‏ صبُّ الكلامِ في الأُذُن‏.‏

ومن الباب‏:‏ القَرقَر‏:‏ القاع الأملس‏.‏ ومنه القُرارة‏:‏ ما يلتزِق بأسفلِ القِدْر، كأنَّه شيءٌ استقرَّ في القِدْر‏.‏

ومن الباب عندنا – وهو قياسٌ صحيح- الإقرار‏:‏ ضدُّ الجحود، وذلك أنَّه إذا أقَرَّ بحقٍّ فقد أقرَّهُ قرارَهُ‏.‏ وقال قومٌ في الدُّعاء‏:‏ أقرّ الله عينه‏:‏ أي أعطاه حتى تَقِرَّ عينُه فلا تطمَحَ إلى من هو فوقه‏.‏ ويوم القَرِّ‏:‏ يومَ يستقرُّ الناسُ بمنىً، وذلك غداةَ يومِ النَّحر‏.‏

قلنا‏:‏ وهذه مقاييسُ صحيحةٌ كما ترى في البابين معاً، فأمَّا أنْ نتعدَّى ونتحمّل الكلامَ كما بلغنا عن بعضهم أنَّه قال‏:‏ سمِّيت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيرِه، فليس هذا من مذهبنا‏.‏ وقد قلنا إنَّ كلامَ العرب ضربان‏:‏ منه ما هو قياسٌ، وقد ذكرناه، ومنها ما وُضِع وضعاً، وقد أثبَتنا ذلك كلَّه‏.‏ والله أعلم‏.‏

فأمَّا الأصواتُ فقد تكون قياساً، وأكثرُها حكاياتٌ‏.‏ فيقولون‏:‏ قَرقَرت الحمامةُ قَرقرةً وقَرْقَرِيراً‏.‏

‏(‏قز‏)‏

القاف والزاء كلمةٌ واحدة، تدلُّ على قِلَّةِ سُكونٍ إلى الشّيء‏.‏ من ذلك القزّ، وهو الوَثْب‏.‏ ومنه التقزُّز، وهو التنطُّس‏.‏ ورجلٌ قَزٌّ، وهو لا يسكن إلى كلِّ شيء‏.‏

‏(‏قس‏)‏

القاف والسين مُعظَمُ بابه تتبُّع الشَّيء، وقد يشذُّ عنه ما يقاربُه في اللَّفظ‏.‏

قال علماؤنا‏:‏ القَسُّ‏:‏ تتَبُّع الشَّيء وطلبُه، قالوا‏:‏ وقولهم إنَّ القَسَّ النَّميمة، هو من هذا لأنه يتتبَّع الكلامَ ثمَّ ينُمُّه‏.‏ ويقال للدَّليل الهادِي‏:‏ القَسْقاس، وسمِّي بذلك لعلمه بالطَّريق وحُسْنِ طلَبِه واتِّباعه له‏.‏ يقال قَسَّ يَقُسّ‏.‏ وتَقَسَّسْتُ أصواتَ القومِ بالليل، إذا تتبَّعتَها‏.‏ وقولهم‏:‏ قَسَسْتُ القومَ‏:‏ آذيْتُهم بالكلام القبيح، كلامٌ غير ملخَّص، وإنَّما معناه ما ذكرناه من القَسّ أي النَّميمة‏.‏ ويقولون‏:‏ قَرَبٌ قَسقاسٌ، وسيرٌ قَسِيس‏:‏ دائبٌ‏.‏ وهو ذلك القياس، لأنَّه يقُسُّ الأرضَ ويتتبَّعُها‏.‏

ومما شذَّ عن الباب قولهم‏:‏ ‏[‏ليلةٌ‏]‏ قسقاسة‏:‏ مُظْلمة، وربَّما قالوا لِلَّيلةِ الباردة‏:‏ قَسِيَّة‏.‏ وقُسَاسٌ‏:‏ بلدٌ تُنسَب إليه السُّيوف القُسَاسيَّة‏.‏

وذكر ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ القَسْقَاس‏:‏ الجُوع‏.‏ وأنشَدُوا عنه‏:‏

أتانَا به القَسقاسُ ليلاً ودُونَه *** جراثيمُ رَمْلٍ بينهنَّ نفانِفُ‏(‏‏[‏

وإنْ صحَّ هذا فهو شاذٌّ، وإن كان على القياس فإنما أراد به الشّاعِرُ القَسقاس، وما أدري ما الجُوعُ هاهنا‏.‏ وأمّا قولهم‏:‏ دِرهمٌ قَسِيٌّ، أي رديء، فقال قومٌ‏:‏ هو إعراب قاس، وهي فارسيَّة‏.‏ والثِّياب القَسِّيَّة يقال إنَّها ثيابٌ يؤتى ‏[‏بها‏]‏ من اليَمَن‏.‏ ويقولون‏:‏ قَسْقَسْتُ بالكلب‏:‏ صحتُ به‏.‏

‏(‏قش‏)‏

القاف والشين كلماتٌ على غير قياس‏.‏ فالقَشُّ‏:‏ القشْر‏.‏ يقال تقشقش الشَّيء، إذا تقشَّر‏.‏ وكان يقال لسورتي‏:‏ ‏"‏قُلْ يا أيُّهَا الكَافِرُونَ‏"‏ و‏"‏قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ‏"‏‏:‏ المقَشْقِشَتان، لأنَّهما يُخرِجان قارئهما مُؤمناً بهما من الكُفر‏.‏

ومما ليس من هذا الجِنْس‏:‏ القِشَّة‏:‏ القِرْدَة، والصَّبِيَّة الصغيرة‏.‏ ويقولون‏:‏ التَّقشقُش‏:‏ تطلُّب الأكلِ من هاهنا وهنا، وهذا إنْ صحَّ فلعلَّهُ من باب الإبدال* والأصلُ فيه السين، وقد مضى ذكره‏.‏ ويقال‏:‏ قَشَّ القَوْمُ‏:‏ إذا أحْيَوْا بعدَ هُزَال‏.‏

‏(‏قص‏)‏

القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّيء‏.‏ من ذلك قولهم‏:‏ اقتصَصْتُ الأثَر، إذا تتبَّعتَه‏.‏ ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص في الجِراح، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلهِ بالأوّل، فكأنَّه اقتصَّ أثره‏.‏ ومن الباب القِصَّة والقَصَص، كلُّ ذلك يُتَتَبَّع فيذكر‏.‏ وأمَّا الصَّدر فهو القَصُّ، وهو عندنا قياسُ الباب، لأنَّه متساوي العِظام، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر‏.‏

ومن الباب‏:‏ قَصَصت الشّعر، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بينَ كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها في طريقها‏.‏ وقُصَاص الشَّعر‏:‏ نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ، وقياسُه صحيح‏.‏ والقُصَّة‏:‏ النَّاصية‏.‏

‏[‏و‏]‏ القَصِيصية من الإبل‏:‏ البعير يقُصُّ أثَرَ الرِّكاب‏.‏ وقولهم‏:‏ ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه، أي أدناه من الموت‏.‏ وهذا معناه أنَّه يقُصُّ أثَرَ المنيَّة‏.‏ وأقصَّ فلاناً السُّلطانُ ‏[‏من فلان‏]‏، إذا قتله قَوَدا‏.‏

وأمَّا قولُهم‏:‏ أقَصَّت الشّاةُ‏:‏ استبانَ حَمْلُها، فليس من ذلك‏.‏ وكذلك القَصْقاص، يقولون‏:‏ إنَّه الأسد، والقُصقُصَة‏:‏ الرَّجل القصير، والقَصِيص‏:‏ نبتٌ‏.‏ كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور‏.‏

‏(‏قض‏)‏

القاف والضاد أصول ثلاثة‏:‏ أحدُها هُوِيُّ الشَّيء، والآخَر خُشونةٌ في الشَّيء، والآخِر ثَقْبٌ في الشَّيء‏.‏

فالأوّل قولُهم‏:‏ انقَضَّ الحائطُ‏:‏ وقع، ومنه انقضاضُ الطّائر‏:‏ هُوِيُّه في طَيَرانه‏.‏

والثاني قولهم‏:‏ دِرع قَضّاءُ‏:‏ خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ‏.‏ وأصلُه القِضّة، وهي أرضٌ منخفضةٌ ترابُها رملٌ، وإلى جانبها مَتْن‏.‏ والقَضَضُ‏:‏ كِسَرُ الحِجارة‏.‏ ومنه القَضْقَضة‏:‏ كَسْرُ العِظام‏.‏ يقال أسدٌ قضقاضٌ‏.‏ والقَضُّ‏:‏ ترابٌ يعلو الفِراش‏.‏ يقال أقضَّ عليه مضجَعُه، قال أبو ذُؤيب‏:‏

أم ما لِجسمِكَ لا يلائمُ مَضجعاً *** إلا أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع

ويقال لحمٌ قَضٌّ، إذا تَرِبَ عند الشَّيِّ‏.‏ ومن الباب عندي قولُهم‏:‏ جاؤوا بقَضِّهم وقضيضهم، أي بالجماعة الكثيرة الخشِنة، قال أوس‏:‏

وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضها *** كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا

والأصل الثالث قولهم‏:‏ قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضَّاً، إذا ثقَبْتَها‏.‏ ومنه اقتِضاض البِكْر‏.‏ قاله الشّيباني‏.‏

‏(‏قط‏)‏

القاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع الشّيء بسُرعةٍ عَرْضاً‏.‏ يقال‏:‏ قَطَطت الشّيءَ أَقُطُّه قَطَّاً‏.‏ والقَطَّاط‏:‏ الخَرّاط الذي يَعمل الحُقَق، كأنه يقْطَعها‏.‏ قال‏:‏

* مِثْلَ تقطِيط الحُقَق *

والقِطْقِط‏:‏ الرَّذَاذ من المطر، لأنّه من قِلّتهِ كأنّه متقطِّع‏.‏ ومن الباب الشعَْر القَطَط، وهو الذي ينْزَوي، خلافُ السَّبْط، كأنَّه قُطّ قَطَّاً‏.‏ يقال‏:‏ قَطِطَ شَعْرُه، وهو من الكلمات النَّادرة في إظهار تضعيفها‏.‏

وأمَّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة‏.‏ فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التقطيع الذي في المكتوب عليه‏.‏ قال الأعشى‏:‏

ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه *** بِغبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ

وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏وقالُوا ربَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ‏}‏ ‏[‏ص 16‏]‏ كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التي يُعطَوْنها من الأجْر في الآخرة‏.‏

ومما شذّ عن هذا الباب القِطّةُ‏:‏ السِّنّورة‏:‏ يقال ‏[‏هو‏]‏ نعتٌ لها دونَ الذَّكَر‏.‏

فأمَّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب، إنما ذاك من الإبدال، والأصل قدْ، قال طَرَفَة‏:‏

أخِي ثِقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ *** إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ

لكنَّهم أبدَلُوا الدّال طاءً فيقال‏:‏ قَطِي وقَطْكَ وقَطْني‏.‏ وأنشدوا‏:‏

امتلأ الحَوْضُ وقال قَطني *** حَسْبي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي

ويقولون قَطَاطِ، بمعنى حسبي‏.‏ وقولهم‏:‏ ما رأيتُ مثلَه قطّ، أي أقطع الكلامَ في هذا، بقوله على جهة الإمكان‏.‏ ولا يقال ذلك* إلا في الشَّيء الماضي‏.‏

‏(‏قع‏)‏

القاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على حكاياتِ صوتٍ‏.‏ من ذلك القَعقعة‏:‏ حكايةُ أصوات التِّرَسةِ وغيرها‏.‏ والمُقَعقِع‏:‏ الذي يُجيل القِداح، ويكون للقِداح عند ذلك أدنى صوت‏.‏ ويقال رجلٌ قَعقعانيٌّ، إذا مَشَى سمِعتَ لمفاصله قَعقَعةً‏.‏ قال‏:‏

* قَعْقَعةُ المِحوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ *

وحِمارٌ قَعقعانيٌّ، وهو الذي إذا حَمَلَ على العانة صَكَّ لَحْييه‏.‏ ويقال‏:‏ قَرَبٌ قَعْقاعٌ‏:‏ حثيث، سمِّي بذلك لما يكون عندهُ من حركات السَّير وقَعْقَعته‏.‏ وطريقٌ قعقاعٌ‏:‏ لا يُسلَك إلاَّ بمشقَّة‏.‏ فأمَّا القُعَاعُ فالماء المُرُّ الغليظ‏.‏ قال‏:‏ أَقَعُّوا، إذا أنْبَطُوا قُعَاعاً‏.‏ فهذا ممكنٌ أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، وممكن أن يكون مقلوباً من عَقَّ، وقد مضى ذِكره، ويقولون‏:‏ قَعْقَع في الأرض‏:‏ ذَهَب‏.‏

وهذا من قياس الباب، لما يكون له عند سيَرِه من حركةٍ وقَعقعة‏.‏

‏(‏قف‏)‏

القاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وتقبُّض‏.‏ من ذلك القُفَّة‏:‏ شيءٌ كهيئة اليقطينة تتَّخَذ من خُوط أو خُوص‏.‏ يقال للشَّيخ إذا تقبَّضَ من هَرَمه‏:‏ كأنَّه قُفَّة‏.‏ وقد استَقفّ، إذا تشنَّج‏.‏ ومنه أقَفَّتِ الدَّجاجةُ، إذا كَفَّت عن البَيض‏.‏ والقَفُّ‏:‏ جنسٌ من الاعتراض للسَّرَق، وقيل ذلك لأنّه يقفُّ الشَّيءَ إلى نفسه‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ قَفْقَف الصَّرِدُ، إذا ارتَعَد، فذلك عندنا من التقبُّض الذي يأخذُه عند البرد‏.‏ قال‏:‏

نِعْمَ شِعارُ الفَتَى إذا بَرَدَ الـ *** ـليلُ سُحيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ

ولا يكون هذا من الارتعاد وحدَه‏.‏

ومن الباب القُفّ، وهو شيءٌ يرتفع من مَتْن الأرض كأنّه متجمِّع، والجمع قِفاف‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب القاف واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏قلم‏)‏

القاف واللام والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تسويةِ شيء عند بَرْيه وإصلاحه‏.‏ من ذلك‏:‏ قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته‏.‏ ويقال للضَّعيف‏:‏ هو مَقلُوم الأظفار‏.‏ والقُلاَمَة‏:‏ ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم‏.‏ ومن هذا الباب سمِّي القلمُ قَلماً، قالوا‏:‏ سمِّي به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ من الظُّفر، ثمَّ شُبِّه القِدْح به فقيل‏:‏ قلم‏.‏ ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّي قلماً لما ذكرناه من تسويته وبَرْيه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ومَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران 44‏]‏‏.‏ ومن الباب المِقْلَم‏:‏ طَرَف قُنْب البعير، كأنَّه قد قُلِم، ويقال إنّ مَقَالم الرُّمح‏:‏ كُعوبه‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل القُلاَّم، وهو نبتٌ‏.‏ قال‏:‏

أتَوْني بِقُلاَّمٍ فقالوا تَعَشّهُ *** وهل يأكلُ القُلاَّمَ إلا الأباعرُ

‏(‏قله‏)‏

القاف واللام والهاء لا أحفَظُ فيه شيئاً، غير أنّ غَديرَ قَلَهَى‏:‏ موضع‏.‏

‏(‏قلو‏)‏

القاف واللام والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة‏.‏ من ذلك القِلْو‏:‏ الحِمار الخفيف‏.‏ ‏[‏و‏]‏ يقال‏:‏ قَلَت النَّاقةُ براكبها قَلْواً، إذا تقدَّمَت به‏.‏ واقلوْلَت الحُمْر في سرعتها‏.‏ والمُقلَوْلي‏:‏ المتجافي عن فِراشه‏.‏ وكلُّ نابٍ عن شيء متجافٍ عنه‏:‏ مُقْلَوْلٍ‏.‏ قال‏:‏

أقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأقْرَدَتْ *** ألاَ هَلْ أخو عيشٍ لذيذٍ بدائمِ

والمُنْكمش مُقْلَوْلٍ، وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لو رأيتَ ابنَ عُمَرَ لرأيتَه مُقلولياً‏"‏، أي متجافِياً عن الأرض، كأنّه يريد كَثْرةَ الصَّلاة‏.‏ ومن الباب قَلاَ العَيْرُ آتُنَه قَلْواً‏.‏ ومن الباب القِلَى، وهو البُغض‏.‏ يقال منه‏:‏ قَلَيْتُه أقلِيه قِلىً‏.‏ وقد قالوا‏:‏ قَلَيتُهُ أَقلاه‏.‏ والقِلَى تجافٍ عن الشّيء وذَهابٌ عنه والقَلْي‏:‏ قَلْيُ الشَيء علَى المِقْلَى‏.‏ يقال‏:‏ قَلَيْت وقَلْوت‏.‏ ‏[‏و‏]‏ القَلاَّء‏:‏ الذي يَقْلي‏.‏ وهو القياس، لأن الحَبَّة تُستَخَفُّ بالقلْي وتَخِفُّ أيضاً‏.‏

‏(‏قلب‏)‏

القاف واللام والباء أصلانِ صحيحان‏:‏ أحدهما يدلّ على خالِص شَيءٍ وشَريفِه، والآخَرُ على رَدِّ شيءٍ من جهةٍ إلى جهة‏.‏

فالأوَّل القَلْبُ‏:‏ قلب الإنسان وغيره، *سمِّي لأنَّه أخْلصُ شيء فيه وأرفَعُه‏.‏ وخالِصُ كلِّ شيءٍ وأشرفُه قَلْبُه‏.‏ ويقولون‏:‏ عربيٌّ قَُلْبٌ‏.‏ قال‏:‏

‏[‏فلا‏]‏ تُكثِروا فيها الضَّجَاجَ فإنَّني *** تخيَّرتُها منهم زُبيرِيّةً قَُلْبَا

والقُلاَب‏:‏ داء يصيب البعير فيَشْتَكِي قَلْبَه‏.‏ والقُلْبُ من الأَسورة‏:‏ ما كان قُلْباً واحداً لا يُلوَى عليه غيرُه‏.‏ وهو تشبيهٌ بقُلْب النَّخْلة‏.‏ ثم شبِّه الحَيَّة بالقُلْب من الحَلْي فسمِّي قُلْباً‏.‏ والقَلْب‏:‏ نجمٌ يقولون إنه قَلْبُ العَقرب‏.‏ ‏[‏و‏]‏ قَلَبْتُ النَّخلةَ‏:‏ نَزَعت قَلْبها‏.‏

والأصل الآخر قَلَبْتُ الثَّوبَ قَلْباً‏.‏ والقَلَب‏:‏ انقلابُ الشَّفَة، وهي قَلْباءُ وصاحبُها أَقْلَب‏.‏ وقَلَبْتُ الشَّيء‏:‏ كبَبتُه، وقلَّبته بيديَّ تقليباً‏.‏ ويقال‏:‏ أقْلَبَتِ الخُبْزةُ، إذا حان لها أن تُقْلَب‏.‏ وقولهم‏:‏ ما به قَلبَةٌ، قالوا‏:‏ معناه ليست به عِلّة يُقْلب لها فيُنْظَر إليه‏.‏ وأنشدوا‏:‏

ولم يقلِّب أرضَها بيطارُ *** ولا لحبلَيْهِ بها حُبَارُ

أي لم يقلِّب قوائمها من عِلَّةٍ بها‏.‏ والقَلِيب‏:‏ البئرُ قبل أنْ تُطوَى؛ وإنّما سمِّيت قليباً لأنَّها كالشَّيء يقلَب من جهةٍ إلى جهة، وكانت أرضاً فلما حُفِرت صار ترابُها كأنَّه قُلِب‏.‏ فإذا طُوِيت فهي الطَّوِيّ‏.‏ ولفظ القليب مذكَّر‏.‏ والحُوَّلُ القُلَّب‏:‏ الذي يقلِّب الأمور ويحتال لها‏.‏ والقياس في جميع ما ذكرناه واحد‏.‏ فأمَّا القِلِّيب والقِلّوْب فيقال إنَّه الذئب‏.‏ ويمكن أن يُحمَل على هذا القياس فيقال سمِّي بذلك لتقلُّبه في طلب مأكله‏.‏ قال‏:‏

أَيَا جَحْمَتَا بَكِّي على أمِّ عامرٍ *** أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ

‏(‏قلت‏)‏

القاف واللام والتاء أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على هَزْمَةٍ في شَيء، والآخَر على ذَهابِ شيء وهَلاكِه‏.‏

فالأوّل القَلْت، وهو النُّقرة في الصَّخرة، والجمع قِلاتٌ‏.‏ وقال‏:‏

وعينان كالماويَّتَينِ استَكَنَّتا *** بكهفَيْ حِجَاجَيْ صَخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ

وقَلْتُ العَين‏:‏ نُقْرتها‏.‏ وقَلْتُ الإبهام‏:‏ النُّقرة تحتَها‏.‏ وقَلْتُ الثّريدة‏:‏ الهَزْمة وسْطَها‏.‏

والأصل الآخر القَلَت، وهو الهلاك‏.‏ يقال‏:‏ قَلِت قَلَتاً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إن المسافِرَ ومتاعَهُ على قَلَتٍ إلاَّ ما وَقَى اللهُ تعالى‏"‏‏.‏ والمِقْلاَتُ من النوق‏:‏ التي لا يعيش لها ولد، وكذلك من النِّساء، والجمع مقاليت‏.‏ قال‏:‏

يَظَلُّ مَقاليتُ النِّساء يطأْنَهُ *** يقُلْنَ ألا يُلقَى على المرءِ مئزرُ

وقال‏:‏

لا تَلُمْها إنّها من نِسوةٍ *** رُقُدِ الصَّيفِ مَقَاليتٍ نُزُرْ

‏(‏قلح‏)‏

القاف واللام والحاء كلمةٌ واحدة، وهي القَلَح‏:‏ صُفْرَةٌ في الأسنان‏.‏ رجلٌ أقْلَحُ‏.‏ قال‏:‏

قد بَنَى اللُّوم عليهم بيتَه *** وفشَا فيهم مع اللُّومِ القَلَحْ

ويقال إنَّ الأقْلَح‏:‏ الجُعَل‏.‏

‏(‏قلخ‏)‏

القاف واللام والخاء كلمة واحدةٌ، يقولون‏:‏ إنَّ القَلْخ‏:‏ هَدير الجمل‏.‏

‏(‏قلد‏)‏

القاف واللام والدال أصلانِ صحيحانِ، يدلُّ أحدهما على تعليق شيءٍ على شيء وليِّه به، والآخَر على حظٍ ونصيب‏.‏ فالأوَّل التقليد‏:‏ تَقليد البَدَنة، وذلك أن يعلَّق في عُنُقها شيءٌ ليُعْلَم أنَّها هَدْيٌ‏.‏ وأصل القَلْد‏:‏ الفتل، يقال قَلَدْتُ الحبلَ أقلِدُه قَلْداً، إذا فتَلْتَه‏.‏ وحبلٌ قليدٌ ومقلود‏.‏ وتَقَلَّدْتُ السَّيف‏.‏ ومُقَلَّدُ الرَّجُل‏:‏ موضِعُ نِجاد السَّيف على مَنْكِبه‏.‏ ويقال‏:‏ قلَّدَ فلانٌ فلاناً قِلادةَ سَوءٍ، إذا هجاه بما يَبْقَى عليه وَسْمُه‏.‏ فإذا أكَّدوه قالوا‏:‏ قلَّدَهُ طَوْقَ الحمامة، أي لا يفارقُه كما لا يُفارِق الحمامةَ طوقُها‏.‏ قال بِشْر‏:‏

حَبَاكَ بها مولاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ *** وقُلِّدَها طوقَ الحمامة جَعْفَرُ

والمِقْلَد‏:‏ عصاً في رأسها عَوَج يُقْلَدُ بها الكَلأ، كما يُقْلَدُ القَتُّ إذا جُعِل حِبالاً‏.‏ ومن الباب القِلد‏:‏ السِّوار‏.‏ وهو قياس صحيح لأنَّ اليدَ كأنَّها تتقلَّدُه‏.‏ ويقولون‏:‏ إنَّ الإقليد‏:‏ ‏[‏البُرَة‏]‏ التي يشدُّ بها زِمام الناقة‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ القِلْد‏:‏ الحَظُّ من الماء‏.‏ يقال‏:‏ سقَينا أرضَنا قِلْدَها، أي حظّها‏.‏ وسقَتْنا السَّماءُ قِلْداً كذلك، أراد حظَّاً‏.‏ وفي الحديث ‏"‏فَقلَدَتْنَا السَّماءُ قِلْداً في كلِّ أسبوع‏"‏‏.‏

فأمّا *المقاليد، فيقال‏:‏ هي الخزائن‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لَهُ مَقَالِيدُ السَّمواتِ والأرْضِ‏}‏ ‏[‏الزمر 63، الشورى 12‏]‏‏.‏ ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها تُحْصِنُ الأشياء، أي تَحفظُها وتَحوزُها‏.‏ والعرب تقول‏:‏ أقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير، إذا أحْصَنَهُم في جَوفه‏.‏

ومما شذَّ عن الباب القِلْدة والقِشْدة‏:‏ تمر وسَويقٌ يخلط بهما سَمْن‏.‏

‏(‏قلز‏)‏

القاف واللام والزاء‏.‏ يقولون‏:‏ إنَّ التقَلُّز‏:‏ النَّشاط‏.‏

‏(‏قلس‏)‏

القاف واللام والسين كلمتان‏:‏ أحدهما رَمْيُ السَّحابة النَّدَى من غير مطر، ومنه قَلَس الإنسانُ، إذا قاءَ، فهو قالس‏.‏ وأمَّا التَّقليس فيقال‏:‏ هو الضَّرب ببعض الملاهي‏.‏ وهي الكلمة الأخرى‏.‏

وقال أبو بكر ابنُ دريد‏:‏ القَلْس من الحِبال، ما أدري ما صحّتُه‏.‏

‏(‏قلص‏)‏

القاف واللام والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انضمامِ شيء بعضِه إلى بعض‏.‏ يقال‏:‏ تقلَّصَ الشَّيءُ، إذا انضمَّ‏.‏ وشَفَةٌ قالِصَة‏.‏ وظلٌّ قالصٌ، إذا نَقَصَ، وكأنَّه تضامَّ‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً‏}‏ ‏[‏الفرقان 46‏]‏‏.‏ وأمَّا قَلَصَةُ الماء فهو الذي يَجِمُّ في البئر منه حتى يرتفع، كأنه تقلّص من جوانبه‏.‏ وهو ماء قليص‏.‏ وجَمْعُ القَلَصَة قَلَصَات‏.‏ ويقولون‏:‏ قَلَصَتْ نَفْسُه‏:‏ غَثَتْ‏.‏ وقياسُه قريب‏.‏ فأمَّا القَلُوصُ، فهي الأُنثى من رِئال النَّعام‏.‏ وعندي أنَّها سُمِّيت قَلوصاً لتجمُّع خَلْقِها، كأنَّها تقلَّصَتْ من أطرافها حتَّى تجمَّعت‏.‏ وكذلك أنثى الحُبارَى‏.‏ وبها سمِّيَت القَلُوصُ من الإبل، وهي الفتيَّة المجتمعة الخَلْق‏.‏ ويقال‏:‏ قَلَصَ الغدير، إذا ذهَبَ أكثرُ مائهِ‏.‏

‏(‏قلط‏)‏

القاف واللام والطاء ليس فيه شيء يصح‏.‏ غير أنَّ ابن دريد قال‏:‏ رجُلٌ قُلاَطٌ‏:‏ قَصير‏.‏ ولعلَّ هذا من قولهم رجلٌ قَلَطِيٌّ‏.‏

‏(‏قلع‏)‏

القاف واللام والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انتزاعِ شيءٍ من شيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه‏.‏ تقول‏:‏ قلَعْتُ الشّيءَ قَلعاً، فأنا قالعٌ وهو مقلوع‏.‏ ويقال للرَّجُل الذي يتقلَّع عن سَرْجِهِ لسوءِ فروسَتِه‏:‏ قُلْعةَ‏.‏ ويقال هذا منزِلُ قُلْعةٍ، إذا لم يكن موضعَ استيطانٍ‏.‏ والقَوْم على قُلْعَةٍ، أي رِحلة‏.‏

والمقلوع‏:‏ الأمير المعزول‏.‏ والقَلَعة‏:‏ صخرةٌ تتقلَّع عن جبلٍ منفردةً يَصعُب مَرامُها‏.‏ وبه تشبَّه السحابة العظيمة، فيقال قلَعَةٌ، والجمع قَلَع‏.‏ قال‏:‏

تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّوَارِي *** وجُنَّ الخازبازِ به جُنونا

والقُلاَع‏:‏ الطِّين يتشقَّقُ إذا نَضَب عنه الماء‏.‏ وسمِّي قُلاَعاً لأنَّه يتقلَّع‏.‏ ‏[‏وأقلَعَ‏]‏ عن الأمر، إذا كَفَّ‏.‏ ورماهُ بقُلاَعة، إذا اقتَلَع قطعةً من الأرض فرماه بها‏.‏ والمِقْلاع معروف‏.‏ والقَلاّع‏:‏ الشُّرطِيّ فيما يقال‏.‏ وروي في حديث‏:‏ ‏"‏لا يدخل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ الدَّيبوب‏:‏ الذي يدِبُّ بالنّمائم حتَّى يفرِّق بين الناس‏.‏ والقَلاّع‏:‏ الرّجُل يَرَى الرّجُلَ ‏[‏قد ارتفعَ‏]‏ مكانهُ عند آخَرَ فلا يزال يَشِي بينهما حتَّى يَقلَعَه‏.‏ وأقلعَتْ عنه الحُمَّى‏.‏ ويقال‏:‏ تركتُ فلاناً في قَلَعٍ من حُمَّى؛ أي في إقلاع‏.‏ ويقال قَلِعَ قَلَعاً‏.‏ والقِلْع‏:‏ شِراع السَّفينة؛ وذلك لأنَّه إذا رُفِعَ قَلَعَ السّفينةَ من مكانها‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب القَلع والقِلْع‏.‏ فأمَّا القَلْع فالكِنْف، يقولون في أمثالهم‏:‏‏"‏شَحْمَتِي في قَلْعِي‏"‏‏.‏ وأمَّا القِلْع فيقال‏:‏ إنّها صُدَيِّرٌ يلبَسُه الرّجلُ على صَدره‏.‏ قال‏:‏

مُسْتَأْبِطَاً في قِلْعِهِ سِكِّينَا

‏(‏قلف‏)‏

القاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْط شيء عن شيء‏.‏ يقال‏:‏ قَلَفْت الشَّجرةَ، إذا نحَّيْتَ عنها لِحاءها‏.‏ وقَلَفْتَ الدَّنَّ‏:‏ فَضضتُ عنه طِينَه‏.‏ وقَلَفَ الخاتنُ غرْلة الصبيِّ، وهي القُلْفة، إذا قَطَعَها‏.‏

‏(‏قلق‏)‏

القاف واللام والقاف كلمةٌ تدلُّ على الانزعاج‏.‏ يقال‏:‏ قَلِق يَقْلَق قلَقَاً‏.‏

‏(‏باب القاف والميم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏قمن‏)‏

القاف والميم والنون كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال‏:‏ هو قَمَنٌ أنْ يفعَل كذا، لا يثنى* ولا يُجمَع إذا فتحتَ ميمه، فإن كَسَرتَ أو قُلْت قَمينٌ ثنَّيت وجَمعت‏.‏ ومعنى قَمِينٍ‏:‏ خَليقٌ‏.‏

‏(‏قمه‏)‏

القاف والميم والهاء فيه كلماتٌ ليست بأصليَّة‏.‏ يقولون‏:‏ قَمَه الشّيء، إذا انْغَمَس في الماء فارتفعَ حيناً وغابَ حيناً‏.‏ وقِفاف قُمَّه‏.‏ تَغيبُ في السَّرابِ وتظهر‏.‏ وهذا في الإبدال، وأصله قُمَّس‏.‏ ويقولون‏:‏ قَمَهَ البعيرُ مثل قَمَحَ، إذا رَفَعَ رأسَه ولم يشرب الماءَ، هو من الإبدال‏.‏

وكلمةٌ أخرى من المقلوب، قال ابن دُرَيْد‏:‏ القَمَه مثل القَهَم، وهو قِلَّةُ الشَّهوة للطّعام، قَهِمَ وقَمِه‏.‏

‏(‏قما‏)‏

القاف والميم والحرف المعتلُّ كلمةٌ تدلُّ على حقارة وذُلّ‏.‏ يقال‏:‏ هو قَمِيٌّ بيّن القَماءة، أي الحقارة‏.‏ وأقْمَيْته أنا‏:‏ أذللته‏.‏

وإذا هُمِز كان لـه معنىً آخر، وذلك قولهم‏:‏ تقمَّأْت الشَّيء، إذا طلبتَه، تَقَمُّؤاً‏.‏ وزعم ناسٌ أنَّ هذا من باب الإعجاب، يقال أقمأَني الشَّيءُ‏:‏ أعجبني‏.‏ وأقْمَأَتِ الإبِلُ‏:‏ سَمِنَتْ‏.‏ وتَقَمَّأْتُ الشَّيء‏:‏ جمعته شيئاً بعد شيء‏.‏ قال‏:‏

لقد قَضَيْتُ فلا تَستهزئا سَفَهاً *** ممَّا تقمَّأْتُه من لذّةٍ وطَرِي

‏(‏قمح‏)‏

القاف والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صفةٍ تكون عند شُرب الماء من الشَّارب، وهو رَفْعُهُ رأسَه‏.‏ من ذلك القامح، وهو الرَّافع رأسَه من الإبل عند الشُّرب امتناعاً منه‏.‏ وإبلٌ قِماح‏.‏ قال‏:‏

ونحنُ على جوانبِها قُعودٌ *** نَغضُّ الطَّرفَ كالإبلِ القِمَاحِ

ويقولون‏:‏ رَوِيَتْ حَتَّى انقَمَحَتْ، أي تركت الشُّرب رِيَّاً‏.‏ وشَهْرا قُِمَاحٍ‏:‏

أشدُّ ما يكون من البَرْدِ، وسمِّيا بذلك لأنَّ الإبلَ إذا وردت آذاها بَردُ الماء فقَامَحَتْ، أي رفَعَتْ رؤوسَها‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَمْح، وهو البُرّ‏.‏ ويقولون –ولعله أن يكون صحيحاً‏:‏ اقتَمَحْتُ السَّويقَ وقَمَحْتُه، إذا ألقيتَه في فمك براحَتِك‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ القُمْحة من الماء‏:‏ ما ملأَ فاكَ منه‏.‏ والقُمَّحات‏:‏ الوَرْس، أو الزَّعفران، أو الذَّرِيرة، كلُّ ذلك يُقال‏.‏

‏(‏قمد‏)‏

القاف والميم والدال أصَيلٌ يدلُّ على طُولٍ وقُوّة وشِدّة‏.‏ من ذلك القُمُدُّ‏:‏ القويُّ الشَّديد‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ‏"‏القَمْد أصل بناء القُمُدّ‏.‏ ‏[‏و‏]‏ الأقمد‏:‏ الطَّويل، رجلٌ أَقْمدُ وامرأةٌ قمداء، وقُمُدّ وقُمُدَّة‏"‏‏.‏

‏(‏قمر‏)‏

القاف والميم والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على بَياضٍ في شيء، ثم يفرّع منه‏.‏ من ذلك القَمَر‏:‏ قَمَر السَّماء، سمِّي قمراً لبياضه‏.‏ وحمارٌ أقمر، أي أبيض‏.‏ وتصغير القَمَر قُمَيْر‏:‏ قال‏:‏

وقميرٍ بدا ابن خمسٍ وعشريـ *** ـنَ فقالت له الفتاتان قُوما

ويقال‏:‏ تقمَّرتُه‏:‏ أتيتُه في القَمْراء‏.‏ ويقولون‏:‏ قَمِرَ التَّمْر‏:‏ وأقْمَرَ، إذا ضَرَبَهُ البردُ فذهبت حلاوتُه قبل أن يَنضَج‏.‏ ويقال‏:‏ تَقَمَّر الأسدُ، إذا خَرَجَ يطلبُ الصيد في القَمْرَاء، قال‏:‏

سَقَط العِشاءُ به على مُتَقمِّرٍ *** ثَبْتِ الجَنَانِ مُعَاوِدِ التَّطْعانِ

وقمَرَ القومُ الطّيرَ، إذا عَشَّوْها ليلاً فصادُوها‏.‏ فأمَّا قول الأعشى‏:‏

تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً فأصبحتْ *** قُضاعِيَّةً تَأْتي الكواهنَ ناشِصا

فقيل‏:‏ معناه كما يتقمَّر الأسدُ الصْيدَ‏.‏ وقال آخرون‏:‏ تقمّرها‏:‏ خدَعها كما يُعَشَّى الطّائرُ ليلاً فيُصَاد‏.‏

ومن الباب‏:‏ قَمِرَ الرّجُل، إذا لم يُبصِر في الثَّلج‏.‏ وهذا على قولهم‏:‏ قَمِرَت القِربة‏:‏ وهو شيءٌ يُصِيبُها كالاحتراق من القَمَر‏.‏

فأمّا قولُهم‏:‏ قَمَرَ يَقْمِرُ قَمْراً، والقِمار من المقامرة، فقال قومٌ‏:‏ هو شاذ عن الأصل الذي ذكرناه، وقال آخرون‏:‏ بل هو منه‏.‏ وذلك أنَّ المُقامِرَ يزيد مالُه ولا يَبْقَى على حال‏.‏ وهذا شيءٌ قد سَمِعناه‏.‏ واللهُ أعلمُ بصحَّتِه‏.‏

قال ابن دريد‏:‏ تَقَمَّرَ الرّجُل‏:‏ إذا طَلَبَ من يقامره‏.‏ ويقال‏:‏ قَمَرْتُ الرّجُلَ أقمُره وأقمِرُه‏.‏

‏(‏قمس‏)‏

القاف والميم والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غَمْسِ شيءٍ في الماء، والماء نفسُه يسمَّى بذلك‏.‏ من ذلك قَمَسْت الشيءَ في الماء‏:‏ غَمَسْتُه‏.‏ ويقال‏:‏ إنّ قاموس البحرِ‏:‏ مُعظَمه‏.‏ وقالوا في ذكر المَدِّ والجزر‏:‏ إنَّ مَلَكاً قد وُكِّل بقاموس البحر، كلَّما وَضَعَ رجلَه فاض، فإذا رفَعَها غاضَ‏.‏ ويقولون*‏:‏ قَمَسَ الولدُ في بطن أمِّه‏:‏ اضطرب‏.‏ والقَمَّاس‏:‏ الغَوَّاص‏.‏ وانْقَمَسَ النّجم‏:‏ انحطَّ في المَغْرِب‏.‏ وتقول العربُ للإنسان إذا خاصم مَنْ هو أجرأ منه‏:‏ ‏"‏إنما يُقَامِسُ حُوتاً‏"‏‏.‏

‏(‏قمش‏)‏

القاف والميم والشين‏.‏ يقولون‏:‏ القَمْش‏:‏ جَمْعُ الشيء من ها هنا ‏[‏وهُنَا‏]‏‏.‏

‏(‏قمص‏)‏

القاف والميم والصاد أصلان‏:‏ أحدهما يدل على لُبس شيء والانشِيامِ فيه، والآخَر على نَزْوِ شيءٍ وحركة‏.‏

فالأوَّل القَميص للإنسان معروف‏.‏ يقال‏:‏ تَقَمَّصَه، إذا لَبِسه‏.‏ ثم يُستعار ذلك في كلِّ شيء دخل فيه الإنسان، فيقال‏:‏ تقمَّصَ الإمارَةَ، وتقمَّص الوِلاية‏.‏ وجَمْع القميص أقمصةٌ، وقُمُص‏.‏

والأصل الآخر القَمْص، من قولهم‏:‏ قمص البعير ويقمُص قمصاً وقِمَاصاً، وهو أن يرفع يدَيه ثم يطرحَهما معاً ويَعجِنَ برجليه‏.‏ وفي الحديثذكر القامصة، وهو من هذا‏.‏ يقال قَمَص البحر بالسَّفينة، إذا حَرّكَها بالموج، فكأنَّها بعيرٌ يقمِصُ‏.‏

‏(‏قمط‏)‏

القاف والميم والطاء أُصَيْلٌ يدلُّ على جمع وتجمُّع‏.‏ من ذلك القَمْط‏:‏ شدُّ أعصابِ الصبيِّ بقماطِهِ‏.‏ ومنه قُمِطَ الأسير، إذا جُمع بين يديه ورجليه بِحبل‏.‏ ووقعت على قِماطِهِ، معناه، على عَقْدِ أمرِهِ كيف عَقْدُه، وكذلك إذا فَطِنْتَ له‏.‏ ومرَّ بنا حولٌ قَميطٌ، أي تامٌّ جميع‏.‏ وسِفادُ الطَّائرِ قَمْطٌ أيضاً، لجمعه ماءه في أُنثاه‏.‏

‏(‏قمع‏)‏

القاف والميم والعين أصولٌ ثلاثة صحيحة‏:‏ أحدها نزولُ شيءٍ مائعٍ في أداةٍ تُعْمَل له، والآخَر إذلالٌ وقهر، والثالث جنسٌ من الحيوان‏.‏

فالأوَّل القِمَعُ معروف، يقال قِمَعٌ وقِمْع‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏وَيلٌ لأقماع القول‏"‏، وهم الذين يَسمَعون ولا يَعُون، فكأنَّ آذانَهم كالأقماع التي لا يَبْقَى فيها شيء‏.‏ ويقولون‏:‏ اقتَمَعْتُ ما في السِّقاء، إذا شربتَه كلَّه، ومعناه أنك صِرْت له كالقِمَع‏.‏

والأصل الآخَر، وقد يمكنُ أنْ يُجمَعَ بينه وبين الأوَّل بمعنىً لطيف، وذلك قولُهم‏:‏ قمَعْتُه‏:‏ أذلَلْتُهُ‏.‏ ومنه قَمَعْتُه، إذا ضربته بالمِقْمَع‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ‏}‏ ‏[‏الحج 21‏]‏‏.‏ وسمِّي قَمَعَة بن الياس لأنَّ أباه أمره بأمرٍ فانقمع في بيته، فسمِّي قَمَعة‏.‏ والقياس في هذا والأوَّلِ متقارِب؛ لأنَّ فيه الوُلوجَ في بيته وكذلك الماءُ ينقمع في القِمَع‏.‏ والأصل الآخَر القَمَع‏:‏ الذُّباب الأزرق العظيم‏.‏ يقال‏:‏ تركناه يتَقَمَّع الذِّبَّانُ من الفَرَاغ، أي يذُبُّها كما يتقمَّع الحِمار‏.‏ وتُسمَّى تلك الذِّبَّانُ‏:‏ القَمَعُ‏.‏ قال أوس‏:‏

ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ نصرَه *** وعُفْرُ الظِّباء في الكِناسِ تَقَمَّعُ

ويقال‏:‏ أقْمَعتُ الرّجل عنِّي، إذا ردَدتَه عنك‏.‏ وهو من هذا، كأنَّه طردَه‏.‏ ومما حُمِل على التَّشبيه بهذا، القَمَعُ‏:‏ ما فوق السَّناسِن من سَنام البعيرِ من أعلاه‏.‏ ومنه القَمَع‏:‏ غِلَظٌ في إحدى رُكبتَي الفَرَس‏.‏ والقَمَع‏:‏ بَثْرَةٌ تكون في المُوق من زيادةِ اللَّحم‏.‏

ومما شَذَّ عن هذه الأصولِ قولُهم‏:‏ إنَّ قمعة مالِ القومِ‏:‏ خيارُه‏.‏

‏(‏قمل‏)‏

القاف والميم واللام كلماتٌ تدلُّ على حَقارةٍ وقماءة‏.‏ رجلٌ قَمَليٌّ، أي حقير، والقُمَّل‏:‏ صِغار الدَّبا‏.‏ وأقْمَلَ الرِّمْث، إذا بدا ورقُه صغاراً، كأنَّ ذلك شبِّه بالقُمَّل‏.‏

‏(‏باب القاف والنون وما يثلثهما‏)‏

‏(‏قنا‏)‏

القاف والنون والحرف المعتلُّ أصلان يدلُّ أحدهُما على ملازمة ومُخالَطَة، والآخرَ على ارتفاعٍ في شيء‏.‏

فالأوَّلُ قولهم‏:‏ قاناه، إذا خالَطَه، كاللَّونِ يُقانِي لوناً آخرَ غيرَه‏.‏ وقال الأصمعيّ‏:‏ قانيتُ الشَّيءَ‏:‏ خَلَطته‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

كبكر المُقاناةِ البياضَُِ بصُفْرَةٍ ***غَذَاها نَمِيرُ الماء غَيْرَ مُحَلَّلِ

ومن ذلك قولهم‏:‏ ما يُعَانِيني هذا، أي ما يوافِقُني‏.‏ ومعناه أنَّه ينْبُو عنه فلا يخالطُه‏.‏

ومن الباب‏:‏ قَنَى الشَّيءَ واقتناه، إذا كان ذلك مُعَدَّاً له لا للتِّجارة‏.‏ ومالٌ قُِنْيانٌ‏:‏ يتَّخَذ قُِنْيةً‏.‏ ومنه‏:‏ قَنَيْتُ حيائي‏:‏ لزِمْتُه‏.‏ واشتقاقُه من القُِنْية‏.‏

قال الشاعر

*فاقْنَيْ حياءَكِ لا أبا لَكِ واعلَمِي *** أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ

والقِنْو‏:‏ العِذْقُ بما عليه، لأنَّه ملازِمٌ لشجرته‏.‏

ومن الباب المَقْنَاة من الظِّلِّ فيمَنْ لا يَهمِزُها، وهو مكانٌ لا تُصيبه الشَّمس‏.‏ وإنَّما سمِّي بذلك لأنَّ الظلَّ مُلازِمُه لا يكادُ يُفارِقُه‏.‏ ويقول أهلُ العلم بالقُرآن‏:‏ إنَّ كهفَ أصحابِ الكهف في مَقْناةٍ من جبل‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ القَنَا‏:‏ احديدابٌ في الأنْف‏.‏ والفعل قَنِيَ قَنىً‏.‏ ويمكن أن تكون القَناة من هذا، لأنَّها تُنْصَب وتُرْفَع؛ وألِفُها واو لأنَّها تُجمَع قَناً وقَنَوات‏.‏ وقناةُ الماء عندنا مشبَّهةٌ بهذه القناة إنْ كانتْ قناةُ الماء عربيَّة‏.‏ والتشبيهُ بها ليس من جهةِ ارتفاعٍ، ولكن هي كظائِمُ وآبارٌ فكأنَّها هذه القناة، لأنَّها كعوبٌ وأنابيب‏.‏

وإذا هُمِزَ خَرَجَ عن هذا القياس، فيقال‏:‏ قَنَأَ، إذا اشتدتْ حُمرتُه وهو قانئ‏.‏ وربَّما همزوا مَقْنَأة الظّلّ، والأوَّل أشْبَهُ بالقِياسِ الذي ذكرناه‏.‏

‏(‏قنب‏)‏

القاف والنون والباء أصلٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع‏.‏ من ذلك المِقنَب‏:‏ القِطْعةُ من الخَيْل، يقال هي نحوُ الأربعينَ‏.‏ والقَنِيب‏:‏ الجماعةُ من النَّاس‏.‏

قال ابن دُريد‏:‏ قنَّب الزَّرعُ تقنيباً، إذا أعْصَفَ‏.‏ قال‏:‏ وتسمَّى العَصِيفة‏:‏ القُنَّابَة‏.‏ والعصيفة‏:‏ الوَرَق المجتمعُ الذي يكون فيه السُّنبُل‏.‏

ومن الباب‏:‏ القُنْب، وهو وعاء ثِيلِ الفَرَس، وسمِّي بذلك لأنَّه يَجمع ما فيه‏.‏ وأمّا القُِنَّب فزعم ‏[‏قومٌ‏]‏ أنّها عربية‏.‏ فإنْ كان كذا فهو من قَنَّب الزَّرعُ، إذا أعْصَف‏.‏ وهو شيء لا يتَّخذ من بعض ذلك‏.‏

‏(‏قنت‏)‏

القاف والنون والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دين، لا يعدو هذا الباب‏.‏ والأصل فيه الطَّاعة، يقال‏:‏ قَنَتَ يَقْنُتُ قُنوتاً‏.‏ ثمَّ سمِّي كلُّ استقامةٍ في طريقِ الدِّين قُنُوتاً، وقيل لطُولِ القِيام في الصَّلاةِ قُنُوت، وسمِّي السُّكوتُ في الصَّلاة والإقبالُ عليها قُنوتاً‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وقُومُوا للهِ قَانِتِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة 238‏]‏‏.‏

‏(‏قنح‏)‏

القاف والنون والحاء ليس هو عندنا أصلاً‏.‏ على أنَّهم يقولون‏:‏ قَنَحَ الشَّارِبُ، إذا رَوِيَ فرَفَعَ رأسَه رِيَّا‏.‏ وهذا من قَمَحَ من باب الإبدال، وقد مرَّ ذِكرُه‏.‏

ومن طرائف ابن دُريد‏:‏ قَنَحْتُ العُود قَنْحاً‏:‏ عطفتُه‏.‏ قال‏:‏ والقُنَّاح‏:‏ المِحجَن بلغة أهل اليمن‏.‏

‏(‏قند‏)‏

القاف والنون والدال كلمتانِ زعَمُوا أنهما صحيحتان‏.‏ قالوا‏:‏ القَنْد عربيٌّ‏.‏ يقولون‏:‏ سَوِيقٌ مقنود ومُقَنَّد‏.‏ والكلمةُ الأخرى القِنْدأوَة، قالوا‏:‏ هو السَّيئ الخُلُقُ‏.‏

‏(‏قنر‏)‏

القاف والنون والراء كلمة‏:‏ القَنَوَّر‏:‏ الضَّخْم الرَّأْس‏.‏

‏(‏قنس‏)‏

القاف والنون والسين أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثَبَاتِ شيء‏.‏ من ذلك‏:‏ القَِنس‏:‏ مَنْبِتُ كلِّ شيءٍ وأصلُه‏.‏ قال‏:‏

* في قِنْسِ مجدٍ فاتَ كُلَّ قَِنسِ *

قالوا‏:‏ وكلُّ شيءٍ ثَبَت في شيءٍ فذلك الشّيء قَِنْسٌ له‏.‏ قالوا‏:‏ والقَوْنَس في البَيْضة‏:‏ أعلاها، وقَوْنَسُ ناصيةِ الفَرَس‏:‏ ما فوقَها؛ وهي ثابتة‏.‏ قال‏:‏

اطرُدَ عَنْكَ الهُمُومَ طارِقَها *** ضَرْبَكَ بالسَّيْفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ

‏(‏قنص‏)‏

القاف والنون والصاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الصَّيد قَطْ‏.‏ فالقانِص‏:‏ الصَّائد‏.‏ والقَنَص‏:‏ الصَّيد‏.‏ والقَنْص‏:‏ فِعْل القانص‏.‏ قال ابن دُريد‏:‏ القَنيص‏:‏ الصائد‏.‏ وبنُو قَنَص بن مَعدّ‏:‏ قومٌ دَرَجُوا‏.‏

‏(‏قنط‏)‏

القاف والنون والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على اليأس من الشَّيء‏.‏ يقال‏:‏ قَنَط يَقْنِط، وقَنِطَ يقْنَط‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَقْنَِطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إلاَّ الضَّالُّون‏}‏ ‏[‏الحجر 56‏]‏‏.‏

‏(‏قنع‏)‏

القاف والنون والعين أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على الإقبال على الشيء، ثمَّ تَختلفُ معانيه مع اتِّفاق القياس؛ والآخَر يدلُّ على استدارة في شيء‏.‏

فالأوَّل الإقناع‏:‏ الإقبال بالوجه على الشَّيء‏.‏ يقال‏:‏ أقْنَعَ لهُ يُقنِع إقناعاً‏.‏

والإقناع‏:‏ مَدُّ اليدِ عند الدُّعاء‏.‏ وسمِّي بذلك عند إقباله على الجهة التي يمدُّ يدَه إليها‏.‏ والإقناع‏:‏ إمالةُ الإناء* للماء المنحدِر‏.‏

ومن الباب‏:‏ قَنَع الرَّجُل يَقْنَعُ قُنوعاً، إذا سَألَ‏.‏ قال الله سبحانه‏:‏ ‏{‏وَأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ‏}‏ ‏[‏الحج 36‏]‏‏.‏ فالقانع‏:‏ السَّائل؛ وسمِّي قانعاً لإقبالهِ على مَنْ يسألُه، قال‏:‏

لَمَالُ المرءِ يُصلِحُه فيُغنِي *** مفاقِرَه أعفُّ من القُنوعِ

ويقولون‏:‏ قَنِعَ قَنَاعةً، إذا رَضِيَ‏.‏ وسمِّيتْ قناعةً لأنَّهُ يُقْبِلُ على الشَّيء الذي لهُ راضياً‏.‏ والإقناع‏:‏ مَدُّ البَعيرِ رأسَه إلى الماء للشّرْب‏.‏ قال ابنُ السِّكَِّيت‏:‏ قَنَعت الإبلُ والغَنَمُ للمرتع، إذا مالَتْ لـه‏.‏ وفلانٌ شاهدٌ مَقْنَعٌ؛ وهذا من قَنِعْتُ بالشَّيء، إذا رَضِيتَ به؛ وجمعه مَقَانع‏.‏ تقول‏:‏ إنه رضَىً يُقْنَع به‏.‏ قال‏:‏

وعاقَدْتُ ليلَى في الخَلاءِ ولم تَكُنْ *** شُهودِي على لَيْلَى شهودٌ مَقَانعُ

وأما الآخر فالقِنع، وهو مستديرٌ من الرَّمل‏.‏ والقِنْع والقِنَاع‏:‏ شِبْهُ طَبَقٍ تُهدَى عليه الهديَّة‏.‏ وقِناعُ المرأةِ معروفٌ، لأنَّها تُدِيرهُ برأسها‏.‏ ومما اشتُقَّ من هذا القِناع قولُهم‏:‏ قَنَّع رَأْسَه بالسَّوطِ ضَرباً، كأنَّه جَعَلَه كالقِناعِ له‏.‏

ومما شَذَّ عن هذا الأصل الإقناع‏:‏ ارتِفاعُ الشَّيء ليس فيه تصَوُّبٌ‏.‏ وقد يُمكنُ أن يُجعَلَ هذا أصلاً ثالثاً، ويُحتَجَّ فيه بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مُهْطعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ‏}‏ ‏[‏إبراهيم 43‏]‏‏.‏ قال أهلُ التَّفسير‏:‏ رافعي رؤوسِهِم‏.‏

‏(‏قنف‏)‏

القاف والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في شيء‏.‏ من ذلك القَنِيف‏:‏ الجَمَاعة من النَّاس‏.‏ والقَنِيف، فيما ذكره ابن دريد‏:‏ القِطعة من اللَّيل‏.‏ يقال‏:‏ مرَّ قَنِيفٌ من اللَّيل‏.‏

ومن الباب‏:‏ القَنَف‏:‏ صِغَرُ الأُذُنَين وغِلَظُهما‏.‏ وهو ذلك القياس، وكذلك القُِنَاف، وهو الغليظ الأَنْف‏.‏

‏(‏قنم‏)‏

القاف والنون والميم كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولونَ‏:‏ قَنِمَ الشيء قَنَما، إذا نَدِيَ ثم رَكِبَه غُبارٌ فتوسَّخَ‏.‏ ويكونُ ذلك في شُعور الخَيْلِ والإبل‏.‏

‏(‏باب القاف والهاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏قهو‏)‏

القاف والهاء والحرف المعتلُّ أصلٌ يدلُّ على خِصْب وكثرة‏.‏ يقال للرَّجُل المُخصِب الرَّحْلِ‏:‏ قاهٍ‏.‏ يقال‏:‏ إنَّه لَفِي عَيْشٍ قاهٍ‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ أقْهَى الرَّجلُ من طَعَامٍ، إذا اجْتَوَاهُ، فليس ذلك من جهةِ اجتوائِهِ إيّاه، وإنّما هو من كثرته عنده حَتَّى يتملأ عنده فيجتَوِيَه‏.‏ وأمَّا القهوة فالخمر، قالوا‏:‏ وسمِّيت قَهْوَةً أنَّها تُقْهِي عن الطَّعام؛ والقياس واحد‏.‏

‏(‏قهب‏)‏

القاف والهاء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان‏.‏ يقولون‏:‏ القُهْبَةُ‏:‏ بياضٌ تعلوه حُمْرة‏.‏ والقَهْبُ من ولد البقرة ما يكون لونُه كذا‏.‏ والقَهْب‏:‏ الجَبَل العظيم‏.‏ والأقهبان‏:‏ الفيلُ والجاموس، وكلُّ ذلك متقارِب‏.‏

‏(‏قهد‏)‏

القاف والهاء والدال كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون‏:‏ القَهْد من ولد الضَّأن يضرب لونه إلى البَيَاض‏.‏

‏(‏قهر‏)‏

القاف والهاء والراء كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على غَلَبة وعُلُوّ‏.‏ يقال‏:‏ قَهَرَه يَقهره قَهْراً‏.‏ والقاهر‏:‏ الغالب‏.‏ وأقْهَرَ الرّجُل، إذا صُيِّر في حالٍ يذلُّ فيها‏.‏ قال‏:‏

تَمَنّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جذاعَهُ *** فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأقْهَرا

وقُهِر، إذا غُلِبَ‏.‏ ومن الباب‏:‏ قُهِرَ اللَّحمُ‏:‏ طبِخ حَتَّى يسيل ماؤُه‏.‏ والقهقر‏:‏ فيما يقال‏:‏ التَّيْس‏.‏ فإنْ كان صحيحاً فلعلَّه من القياس الذي ذكرناه‏.‏ والقَهْقَر‏:‏ الحجر الصُّلب‏.‏ وليس يبعد عن الأصل الذي بُنيَ عليه الباب‏.‏

ومما شذَّ عن ذلك‏:‏ ‏[‏رَجَع‏]‏ القَهْقَرَى، إذا رجع إلى خَلْفِه‏.‏

‏(‏قهز‏)‏

القاف والهاء والزاء كلمةٌ‏.‏ يقولون‏:‏ القَِهْزُ‏:‏ ثيابُ مِرْعِزَّى يُخالِطُها حرير، وبها يشبَّه الشَّعر الليِّن‏.‏ قال‏:‏

* من القَِهْز والقُوهِيّ *

‏(‏قهس‏)‏

القاف والهاء والسين كلماتٌ إن صَحَّت‏.‏ يقولون‏:‏ جاء يَتَقَهْوَس، إذا جاء مُنْحَنِياً يَضْطرب‏.‏ وهذا ممكنٌ أن يكون هاؤه زائدة، كأنَّه يَتقوس‏.‏ ويقولون‏:‏ القَهْوَسة‏:‏ السُّرعة‏.‏ والقَهْوَس‏:‏ الرَّجُل الطويل‏.‏

‏(‏قهل‏)‏

القاف والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على قَشَف وسُوءِ حال‏.‏ من ذلك القَهَلُ، وهو التقشُّف‏.‏ ورجلٌ متقهِّلٌ‏:‏ لا يتعهَّد جَسدَه بنظافةٍ‏.‏ ومن الباب أو قريبٍ منه‏:‏ القَهْل‏:‏ كُفران الإحسان واستقلالُ النِّعمة‏.‏ وأقْهَلَ الرَّجلُ نَفْسَهُ‏:‏ دَنَّسها بما لا يَعْنِيه‏.‏ والتقَهُّل‏:‏ شَكْوَى الحاجة‏.‏ قال‏:‏

* لَعْواً متى لاقَيتَه تَقَهَّلاَ *

ويقولون‏:‏ انقَهَلَ، إذا سَقَط وضَعُف‏.‏ ويقولون‏:‏ قَهَلْتُ الرّجُلَ قَهْلاً، إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً‏.‏

ومما شذَّ عن هذا وما أدري كيف صحَّتُه، يقولون‏:‏ القَيْهَلة‏:‏ الطَّلْعة‏.‏ يقال‏:‏ حَيَّا الله قَيْهَلَتَه‏.‏ وليست بكلمةٍ عَذْبة‏.‏

‏(‏باب القاف والواو وما يثلثهما‏)‏

‏(‏قوي‏)‏

القاف والواو والياء أصلانِ متباينان، يدلُّ أحدُهما على شِدَّة وخِلافِ ضَعْف، والآخَر على خلافِ هذا وعلى قِلّة خَيْر‏.‏

فالأوَّل القُوّة، والقوِيّ‏:‏ خلاف الضّعيف‏.‏ وأصل ذلك من القُوَى، وهي جَمْعُ قوةٍ من قُوَى الحبل‏.‏ والمُقْوِي‏:‏ الذي أصحابُه وإبلُه أقوياء‏.‏ والمُقْوِي‏:‏ الذي يُقْوِي وَتَرَه، إذا لم يُجِدْ إغارتَه فتراكبَتْ قُواه‏.‏ ورجلٌ شديد القُوى، أي شديدُ أسْرِ الخَلْق‏.‏

فأمَّا قولهم‏:‏ أقوى الرّجُلُ في شِعره، فهو أن يَنْقُص من عروضه قُوّة‏.‏ كقوله‏:‏

أفَبَعْدَ مقتلِ مالكِ بن زُهَيْرٍ *** يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ

والأصل الآخر‏:‏ القَوَاء‏:‏ الأرض لا أهلَ بها‏.‏ ويقال‏:‏ أقْوَت الدّارُ‏:‏ خلت‏.‏ وأقوى القومُ‏:‏ صاروا بالقَوَاء والقِيِّ‏.‏ ويقولون‏:‏ باتَ فلانٌ القَوَاءَ وبات القَفْرَ، إذا بات على غير طُعْم‏.‏ والمُقْوِي‏:‏ الرّجُل الذي لا زَادَ معه‏.‏ وهو من هذا، كأنَّه قد نزل بأرضٍ قِيٍّ‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصلِ كلمةٌ يقولونها‏:‏ يقولون‏:‏ اشتَرَى الشُّركاءُ الشَّيءَ ثم اقتَوَوْه، إذا تزايدُوه حَتَّى بلغ غايةَ ثَمنِه‏.‏

‏(‏قوب‏)‏

القاف والواو والباء أصلٌ صحيح، وهو شِبْه حَفْرٍ مُقَوَّر في الشَّيء‏.‏ يقال‏:‏ قُبْتُ الأرضَ أقُوبُها قَوْباً، وكذلك إذا حَفَرتَ فيها حُفْرةً مقوَّرة‏.‏ تقول‏:‏ قُبْتُها فانقابت‏.‏ وقَوَّبْتُ الأرضَ، إذا أثّرتَ فيها‏.‏ وتقوَّب الشيء‏:‏ انْقَلَع من أصلِه‏.‏ وكأنَّ القُوَباءَ من هذا، وهي عربيّة، قال‏:‏

يا عجبا لهذه الفَليقَهْ *** هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ

وقد تسكن واوها فيقال قُوبَاء‏.‏ ويقولون‏:‏ ‏"‏تخلَّصَتْ قائِبةٌ من قُوب‏"‏ أي بيضة من فَرْخ؛ يضرب مثلاً للرّجُل يفارِقُ صاحبَه‏.‏

‏(‏قوت‏)‏

القاف والواو والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ وحفظٍ وقُدرةٍ على الشَّيء‏.‏ من ذلك قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏وكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقِيتاً‏}‏ ‏[‏النساء 85‏]‏، أي حافظاً له شاهداً عليه، وقادراً على ما أراد‏.‏ وقال‏:‏

وذي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه *** وكنتُ على إساءته مُقِيتَا

ومن الباب‏:‏ القُوت ما يُمْسِكُ الرَّمَق؛ وإنَّما سُمِّي قُوتاً لأنَّه مِساكُ البَدَن وقُوَّتُه‏.‏ والقَوْت‏:‏ العَوْل‏.‏ يقال‏:‏ قُتُّه قَوْتاً، والاسم القُوت‏.‏ ويقال‏:‏ اقتَتْ لنارك قِيتةً، أي أطعِمْها الحَطَب‏.‏ قال ذو الرُّمَّة‏:‏

فقلتُ له ارْفَعْهَا إليكَ وأَحْيِها *** برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا

‏(‏قود‏)‏

القاف والواو والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء، ويكون ذلك امتداداً على وجه الأرض وفي الهواء‏.‏ من ذلك القُود‏:‏ جمع قَوْداء، وهي النَّاقة الطويلة العُنُق‏.‏ والقَوْدَاء‏:‏ الثَّنِيَّة الطَّويلة في السماء‏.‏ وأفراسٌ قُودٌ‏:‏ طِوالُ الأعناق‏.‏ قال النَّابغة‏:‏

قُودٌ براها ‏[‏قِيادُ الشُّعبِ فانهدمت *** تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَمَا‏]‏

ويفرّع من هذا فيقال‏:‏ قُدْتُ الفَرَسَ قَوْداً، وذلك أن تمدَّه إليك؛ وهو القياس، ثمَّ يسمُّون الخَيلَ قَوْداً، فيقال‏:‏ مرَّ بنا قَوْدٌ‏.‏ وفرسٌ قَؤُودٌ‏:‏ سلسٌ مُنْقاد‏.‏ والقائد من الجَبَل‏:‏ أنْفُهُ‏.‏ والأقْوَد من النّاس‏:‏ الذي إذا أقْبَلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ ينصرف‏.‏ والقَوَدُ‏:‏ قَتْلُ القاتل بالقتيل، وسمِّي قَوَداً لأنَّه يُقادُ إليه‏.‏

‏(‏قور‏)‏

القاف والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ في شيء‏.‏ من ذلك الشيء* المُقَوَّر‏.‏ وقُوَّارَةُ القَمِيصِ معروفة‏.‏ والقُور‏:‏ جمع قَارَةٍ، وهي الأَكَمة؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها مستديرة‏.‏ فأمَّا الدَّبَّة فيقول ناسٌ‏:‏ إنَّها تسمَّى القَارَة، وذلك على معنى التشبيه بقارَة الأَكَم‏.‏ ويقولون‏:‏ دارٌ قَوْراءُ، وهو هذا القياس، وإنما هذا موضوعٌ على ما كانت عليه مساكنُ العرب من خيَمِهم وقبابِهم‏.‏ واقورَّ الجِلْدُ‏:‏ تَشَانَّ‏.‏ وهو من الباب، لأنَّه يتجمَّع ويدورُ بعضُه على بعض‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم‏:‏ لَقِيتُ منه الأقْوَرِينَ والأقْوَرِيَّاتِ، وهي الشَّدائد‏.‏

‏(‏قوز‏)‏

القاف والواو والزاء كلمةٌ واحدة، وهي القَوز‏:‏ الكثيب، وجمعه أقوازٌ وقِيزان‏.‏ قال‏:‏

وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفَاعِ لَعلَّني *** أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها

‏(‏قوس‏)‏

القاف والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدير شيءٍ بشيء، ثم يُصَرَّف فتقلبُ واوهُ ياءً، والمعنى في جميعِهِ واحد‏.‏ فالقوْس‏:‏ الذِّراع، وسمِّيت بذلك لأنَّه يقدر بها المَذْرُوع‏.‏ ‏[‏وبها سمِّيت القَوسُ‏]‏ التي يُرمَى عنها‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدْنَى‏}‏ ‏[‏النجم 9‏]‏‏.‏ قال أهلُ التفسير‏:‏ أراد‏:‏ ذِرَاعَين‏.‏ والأقْوَس‏:‏ المُنْحنِي الظَّهر‏.‏ وقد قَوَّسَ الشَّيخُ، أي انحَنى كأنَّه قوسٌ‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَن قلَّ مالُه *** ولا مَنْ رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا

وتقلب الواوُ لبعض العِلَل ياءً فيقال‏:‏ بيني وبينه قِيسُ رُمْح، أي قَدْرُه‏.‏ ومنه القِياسُ، وهو تَقديرُ الشَّيء بالشيء، والمقدار مِقْياسٌ‏.‏ تقول‏:‏ قَايَسْتُ الأَمْرَينِ مُقايَسَةً وقياساً‏.‏ قال‏:‏

يخزَى الوَشيظُ إذا قال الصَّريحُ لهم *** عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس

وجمعُ القَوْسِ قِسِيٌّ، وأقواس، ‏[‏وقِياس‏]‏‏.‏ قال‏:‏

* ووتَّر الأساوِرُ القياسَا *

وحكى بَعضُهم أنَّ القوسَ‏:‏ السَّبْق، وأنَّ أصل القياسِ منه؛ يقال‏:‏ قاسَ بنو فلانٍ بني فلان، إذا سَبَقُوهم، وأنشد‏:‏

لَعَمْرِي لقد قاسَ الجميعَ أبوكُم *** فَهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا

وأصل ذلك كلِّه الواو، وقد ذَكَرْناه‏.‏

ومما شذّ عن هذا الباب القَوْس‏:‏ ما يَبقَى في الجُلَّة من التَّمر‏.‏ والقَوْس‏:‏ نَجْمٌ‏.‏ والمِقْوَس‏:‏ المكانُ تُجرَى منه الخيلُ، يُمَدُّ في صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى، ثمَّ تُرْسَل‏.‏ فأمَّا القُوسُ فصَومعةُ الرَّاهب، وما أُراها عربيَّة، وقد جاءت في الشِّعر‏.‏ قال‏:‏

………… كأنّها *** عَصا قَسِّ قُوسٍ لينُها واعتدالُها

وقال جرير‏:‏

……… ولو وقَفَتْ *** لاستَفْتَنَتْنِي وذَا المِسْحَينِ في القُوسِ

‏(‏قوض‏)‏

القاف والواو والضاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء‏.‏ يقال‏:‏ قَوَّضْت البناء‏:‏ نقضْتُه من غير هَدْم‏.‏ وتقوَّضَتِ الصُّفوف‏:‏ انتَقَضَتْ‏.‏

‏(‏قوط‏)‏

القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون‏:‏ القَوْط‏:‏ اليسير من الغَنَم، والجمع أقْواط‏.‏

‏(‏قوع‏)‏

القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط في مكانٍ‏.‏ من ذلك القاع‏:‏ الأرض المَلْساء‏.‏ والألِفُ في الأصل واو، يقال في التصغير قَوَيْعٌ‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ القَوْع‏:‏ المِسْطح الذي يُبسَط فيه التَّمر، والجمع أقواع‏.‏ فأمّا القَوْع، وهو ضِرابُ الفحلِ الناقةَ، فليس من هذا الباب، لأنَّه من المقلوب‏.‏ وأصله قَعْو؛ وقد ذُكِر‏.‏

وممّا شَذَّ عن هذا الباب قولُهم‏:‏ إنَّ القُوَاعَ‏:‏ الذَّكَر من الأرانب‏.‏

‏(‏قوف‏)‏

القاف والواو والفاء كلمةٌ، وهي من باب القَلْب وليست أصلاً‏.‏ يقولون‏:‏ هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنى يقفو‏.‏ ويقولون‏:‏ أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه، وهو الشَّعَْر المتدلِّي في نُقْرة القَفا‏.‏

‏(‏قوق‏)‏

القاف والواو والقاف كلمةٌ، يقولون‏:‏ القُوق‏:‏ الرَّجُل الطويل‏.‏

‏(‏قول‏)‏

القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمهُ، وهو القَول من النُّطق‏.‏ يُقال‏:‏ قَالَ يقول قَولاً‏.‏ والمِقْوَل‏:‏ اللِّسان‏.‏ ورجل قُوَلةٌ وقَوَّالٌ‏:‏ كثير القَول‏.‏ وأمّا أقوال…………………‏.‏

‏(‏قوم‏)‏

القاف والواو* والميم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على جماعةِ ناسٍ، وربِّما استعير في غيرهمْ‏.‏ والآخَر على انتصابٍ أو عَزْم‏.‏

فالأوّل‏:‏ القوم، يقولون‏:‏ جمع امرئٍ، ولا يكون ذلك إلاّ للرِّجال‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ‏}‏ ‏[‏الحجرات 11‏]‏، ثمَّ قال‏:‏ ‏{‏وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ‏}‏ ‏[‏الحجرات 11‏]‏‏.‏

وقال زُهير‏:‏

وما أدرِي وسَوْف إخالُ أدْري *** أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ

ويقولون‏:‏ قومٌ وأقوامٌ، وأقاوِمُ جمعُ جمعٍ‏.‏ وأمَّا الاستعارة فقولُ القائل‏:‏

إذا أقْبَلَ الدِّيْكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ *** عِنْد الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ

فجمع وسَمَّاها قوماً‏.‏

وأمّا الآخر فقولُهم‏:‏ قامَ قياماً، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة، إذا انتصب‏.‏ ويكون قامَ بمعنى العَزيمة، كما يقال‏:‏ قامَ بهذا الأمر، إذا اعتنَقَه‏.‏ وهم يقولون في الأوَّل‏:‏ قيامٌ حتم، وفي الآخر‏:‏ قيامٌ عَزْم‏.‏

ومن الباب‏:‏ قوَّمْتُ الشَّيء تقويماً‏.‏ وأصل القِيمة الواو، وأصلُه أنَّك تُقيم هذا مكانَ ذاك‏.‏

وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون‏:‏ استَقَمْتُ المَتاعَ، أي قوَّمْتُه‏.‏

ومن الباب‏:‏ هذا قِوام الدين والحقّ، أي به يقوم‏.‏ وأمَّا القَوَام فالطُّول الحَسَن‏.‏ والقُومِيَّة‏:‏ القَوام والقامة‏.‏ قال‏:‏

* أيَّامَ كُنتُ حسَنَ القُومِيَّهْ *